غلاف المبنى Building Skin يمثل خط الدفاع الأول للمبنى في مواجهة التغيرات البيئية. وفي ضوء التطور التكنولوجي في أواخر القرن العشرين والتقدم في هندسة الحاسب، وعلم التحكم الألي والذكاء الإصطناعي ومواد البناء النانوية وغيرها من التطورات المرتبطة بعلوم البناء، تم تطوير وتنفيذ بعض أغلفة المباني التي أطلق عليها Building Skin أو جلد المبنى.
ومعها تَغير مفهوم وإدراك واجهة المبنى من الواجهة الساكنة إلى الواجهة الديناميكية للإستجابة للمؤثرات البيئية المتغيرة، وتحول دور الواجهة من مجرد حاجز بين الداخل والخارج للحماية من البيئة الخارجية إلى أنها مرشح بيئي لتوفير فراغات داخلية مريحة تزيد من صحة وإنتاجية شاغلي المبنى، وتدعم استهلاك المبنى لأقل قدر من الطاقة.
1. مفهوم الغلاف الخارجي للمبنى Building Skin
إستخدم كل من Wigginton & Harris في كتابهم "Intelligent Skins" مصطلح Building Skin على أنه مصطلح مستعار من الجلد البشري الذي يحمي جميع أعضاء الجسم من التهديدات الفيزيائية والكيميائية والبكتيرية.
كما إستخدما المصطلح لوصف النسيج الخارجي المغلف للمبنى والذي يشكل سياج للحماية من التغيرات المناخية ويسمح بدخول الضوء إلى المبنى، ويوفر الأمن والخصوصية، ويعدل تدفقات الطاقة في شكل الضوء والحرارة والصوت والتهوية الطبيعية.
وعرفه أيضاً كلاً من Kelbaugh & Powler على أنه أي سطح يفصل ويعزل داخل البناء المكيف حرارياً عن بيئته.
ومن وجهة نظر أُخري يرى de Kerckhove أن الجلد Skin هو الجزء الملموس من الجسم، وهو واحد من أكثر الأنظمة الشاملة لأجهزة الأستشعار حيث يكون قادراً على تبادل المعلومات مع العالم الخارجي.
ووفقاً لهذه المفاهيم فإن غلاف المبنى Building Skin يشمل الأسقف والحوائط الخارجية الشفافة وغير الشفافة ويشمل أيضا السطح الملامس للتربة أسفل المبنى، حيث يشكل تصميم هذه العناصر أكبر وحدة تحكم في البيئة الداخلية فيما يتعلق بالصوت والضوء والحرارة والتهوية الطبيعية، كما يوضح شكل (1).
بالتالي فهو يرتبط بأهداف ملموسة ككفاءة استخدام الطاقة، وتحقيق الراحة الحرارية لمستخدمي المبنى، واستخدام مصادر الطاقة المتجددة، والتي تمثل أهم مبادئ العمارة الخضراء.
قد صاحب ظهور هذا الجيل الجديد من أغلفة المباني Building Skin ظهور مجموعة من المصطلحات والمفاهيم المستعارة غالباً من المجال البيولوجي, ومن بين هذه المفاهيم: الأغلفة المستجيبة، الأغلفة عالية الأداء، الأغلفة المتكيفة الذكية Intelligent، والأغلفة الحركية، الأغلفة الذكية Smart. وفيما يلي توضيح لهذه المفاهيم والأنظمة التكنولوجية.
1.1. غلاف المبنى المتكيف الذكي Intelligent Skin
يعرف الغلاف الذي يوصف بالذكاء على إنه الغلاف الذي يحاكي قدرة الإنسان على المعرفة والاستنتاج وصنع وأداء القرار، وذلك بدمج تقنيات الذكاء الاصطناعي التي تتيحها أجهزة الحاسب القابلة للبرمجة (العقل) ويتمثل دور تلك التقنية فيما يلي:
- اكتساب المعرفة وفهم الظروف البيئية المحيطة (سواء الظروف الداخلية والخارجية) وذلك عن طريق مجموعة متنوعة من أجهزة الاستشعار.
- إتخاذ القرار والتحكم الآلي في العناصر الحركية المكونة للغلاف والمرتبطة بنظام الإدارة المركزية للمبنى، لتنفيذ قرار التكيف بشكل ديناميكي.
وبناءاً على ما سبق يمكننا القول أن غلاف المبنى المتكيف الذكي هو الغلاف الذي يدمج تقنيات الذكاء الاصطناعي، التي تفهم وتجمع المعلومات عن الظروف البيئية المحيطة، ويحللها ليتخذ قرار تعديل الواجهة، ويتحكم في تنفيذ هذا القرار.
2.1. غلاف المبنى الذكي Smart Envelope
يُعرف الغلاف الذي يوصف بالذكي على أنه الغلاف الذي يدمج المواد والأسطح التي لديها خصائص ذاتية راسخة بداخلها تساعد على تغير شكلها، ويتمثل دور تلك المواد في التغير المرئي لشكل المواد نتيجة لتغير الخصائص والتي تؤدي لتغير شكل غلاف المبنى.
3.1. غلاف المبنى الحركي Kinetic Envelope
يُعرف الغلاف الذي يوصف بالحركي على أنه الغلاف الذي يدمج مجموعة مكونات لديها القدرة على الحركة، والتي يتمثل دورها في حدوث الحركة الموضعية، والتغير المرئي لوضع المكونات بواسطة السلوكيات الحركية أو تغير خصائص المواد؛ والتي تؤدي إلى تغير شكل غلاف المبنى.
4.1. الواجهات الديناميكية Dynamic Facades
تُعرف الواجهات التي توصف بالديناميكي على أنها واجهات لديها القدرة على الحركة بشكل يعتمد على الانظمة الميكانيكية.
5.1. الواجهات التفاعلية Interactive Facades
يُعرف الغلاف الذي يوصف بالتفاعلي على أنه الغلاف الذي يعتمد على وجود إتصال مستمر لتبادل المعلومات بين المؤثرات المختلفة المحيطة بالغلاف ومكوناته (خاصة الذكاء الحاسوبي عن طريق نظم الإدخال)، وايضا وجود أتصال بين المكونات المبنية للغلاف (الذكاء الحاسوبي وعناصر الحركية المادية) لإتمام الإستجابة.
ويمثل الإتصال المستمر (التفاعل) أحد أهم الأدوار التي تقوم بها تكنولوجيا الذكاء الأصطناعي المدمجة بالمبنى، كما يوضح الشكل (3).
6.1. الأغلفة المتكيفة Adaptive Building Shell
يُعرف الغلاف الذي يوصف بالمتكيف على إنه الغلاف الذي لديه القدرة على إحداث عملية التغيير الديناميكي المستمر لسلوكه وملامحه إستجابة منه للمتغيرات البيئية، حيث تمثل عملية التغيير الفعل النهائي للتفاعلات وحركة الهياكل الحركية أو تغير خصائص المواد.
7.1. الأغلفة المستجيبة Responsive Skin
يُعرف الغلاف الذي يوصف بالمستجيب على إنه الغلاف الذي يصف رد الفعل الناتج عن التفاعل بين الظروف البيئية الخارجية وأنظمة الغلاف.
وفي محاولة لفهم العلاقة الإرتباطية بين مفهوم المستجيب والمفاهيم المذكورة خلال السياق السابق، يمكننا القول أن الغلاف المستجيب هو:
- الغلاف الذي يتطلب دمج أنظمة وتقنيات الذكاء الأصطناعي Computational Intelligence والعناصر الحركية Kinetics Elements سواء ذات الأجزاء المتحركة أو المواد والأسطح الذكية Smart Materials بواجهات المبنى.
- الغلاف الذي يتطلب تفاعل بين المؤثرات الخارجية المختلفة الطبيعية والأنظمة الأصطناعية المدمجة، بالأضافة للتفاعل بين وحدات المكونات المدمجة.
- الغلاف الذي لديه القدرة على التغيروالتعديل في السلوك عن طريق الحركة (تكيف) كرد فعل للمثيرات (الظروف البيئية المحيطة المتغيرة) التي يتعرض لها ويتفاعل معها من خلال الأنظمة المدمجة.
أي أن الواجهة المستجيبة تصف عملية الإستجابة التي تتم بأكملها بالواجهة، بداية من وجود المثيرات (الأنظمة الطبيعة) والأنتهاء بتغير سلوك الواجهات (التكيف) مروراً بدمج الأنظمة الأصطناعية والحركية والتفاعلات المختلفة المستمرة التى تتم بين كافة الأنظمة. كما يوضح شكل (4).
8.1. الأغلفة عالية الأداء High Performance Envelopes
يُعرف الغلاف الذي يوصف بالأداء العالي على إنه الغلاف الذي يعطي أداء متفوقًا ودرجة عاليةً من الكفاءة نتيجة دمج الحلول والوسائل التكنولوجية بواجهة المبنى، التي تستجيب للظروف البيئة المتغيرة لتنشئ بيئة داخلية مريحة تزيد من صحة وإنتاجية الإنسان، وتحسن من كفاءة استخدام الطاقة خلال مرحلة تشغيل البناء.
المراجع العلميه
1) العدوي. منى سعيد، (2019)،"دور التكنولوجيا في تطبيق مبادئ العمارة الخضراء"، رسالة ماجستير، كلية الهندسة بشبرا، جامعة بنها، مصر.2) حنا.هالة أديب، (2017)، "الإطار المفاهيمي لجلد البناء"، ورقة بحثية منشورة، مجلة العلوم الهندسية ،جامعة أسيوط، مصر.العدد 45.مجلد2.
3) حسين.شذى فالح، (2014)، "التكيف في العمارة: التكيف بإعادة الاستخدام في الأبنية ذات القيم"، رسالة ماجستير غير منشورة، قسم الهندسة المعمارية ،الجامعة التكنولوجية، مصر.
4) Wigginton. Michael & Harris. Jude, (2002) “Intelligent skins” Butterworth-Heinemann, Linacre House, Jordan Hill, Oxford.
5) Wyckmans. Annemie, (2005), “Intelligent Building Envelopes:Architectural Concept& Applications for Daylighting Quality” Doctoral thesis, Faculty of Architecture and Fine Art, Norwegian University of Science and Technology, Norweg.
6) Mohamed. Soha, (2012), “Design Methodology: Kinetic Architecture” Master Thesis, Faculty of Engineering Alexandria University, Egypt.
7) Loonen. R.C.G.M., Trcka. M., others, (2013), “Climate adaptive building shells: state-of-the-art and future challenges” Renewable and Sustainable Energy Reviews, Vol. 25.
8) Aksamija. Ajla, (2015), “High-Performance Building Envelopes: Design Methods For Energy fficient Facades" Proceedings of the Building Enclosure Science and Technology (BEST) Conference.
9) Thun. Geoffrey, Velikov. Kathy, (2013), “Responsive Building Envelopes: Characteristics and Evolving Paradigms” in Design and Construction of High-Performance Homes: Building Envelopes, Renewable Energies and Integrated Practice, Franca Trubiano, London.
تعليقات
إرسال تعليق