القائمة الرئيسية

الصفحات

المباني الذكيه التفاعليه والمستجيبه

يشهد العالم نمواً كبيراً فيما يعرف بـ "المباني الذكية" والتي تدمج أنظمة الاتصال وتقنية المعلومات والراحة والأمن معاً وفقا لاحتياجات المستخدم وبالتكيف مع الظروف الخارجية والمتطلبات البيئية وذلك باستخدام أحدث التقنيات التكنولوجية.


وقد أُستُخدم مصطلح الذكاء Intelligent في مجال العمارة في منتصف الستينيات للمباني التي تستخدم الذكاء الاصطناعي والتي يتم تشغيلها ألياً، وأنتشر تداوله في نطاق واسع في بداية الثمانينيات.

حيث يشير المصطلح إلى دمج التقنيات الألية الذكية القابلة للبرمجة في أنظمة التدفئة والتهوية وتكييف (HVAC) المبنى لتوفير بيئة داخلية ذات تدفئة وتبريد وتهوية وإضاءة ديناميكية بهدف تحقيق التوازن الأمثل بين راحة الشاغلين وكفاءة استخدام الطاقة، والتي من شأنه دعم تطبيق العمارة الخضراء.


ومع انتشار هذه التقنيات أصبحت المباني الذكية تمثل نقطة تحول في مجال العمارة، وانبثق عنها الأغلفة الذكية للمباني Intelligent Skin والتي تشكل جزءًا جوهرياً من المبنى الذكي الأوسع. وتسعى الأغلفة الذكية إلى تكييف نفسها مع بيئتها عن طريق الإدراك والاستنتاج ورد الفعل مما يمكنها من التعامل مع الأوضاع الجديدة وحل المشاكل التي تنشأ عن تفاعلها مع البيئة، كما يوضح شكل (1).


الأنظمة الذكية التي تكيف نفسها تبعاً لاحتياجات المستخدم

شكل (1) الانظمة الذكيه ودرها في التفاعل مع احتياجات المستخدم


1. مقومات الذكاء بالمباني

يرى Atkin Brian في كتابه Intelligent Buildings أن المبنى الذكي ينبغي عليه أن يَعرف ويرصد التغيرات الخارجية والداخلية ومتطلبات المستخدم، عن طريق مجموعات من الخلايا الخاصة التي تقوم كلاً منها برصد نوعية ما من هذه المتغيرات، وبعد استقراء المتغيرات والتعرف على رغبات المستخدم يتم إرسال هذه البيانات عبر الشبكات المحلية (Lans) Local Area Networks إلى قاعدة البيانات لإتخاذ القرار وفقاً للتغذية المسبقة لها. 


وفي مرحلة لاحقة يتم تنفيذ القرار المرسل إلى مفردات المبنى وتجهيزاته المعنية بالإستجابة خلال الشبكات المحلية مرة أخرى. من هذا المنطلق يمكن تحديد مقومات الذكاء المعماري بالمبنى في تملكه لثلاث قدرات وهى:


1.1.  معرفة الذات Self-knowledge

عن طريق إكتساب المعرفة وفهم الظروف البيئية المحيطة سواء كانت داخلية أو خارجية وذلك عن طريق مجموعة متنوعة من أجهزة الإستشعار.


2.1. الإتخاذ الذاتي للقرار Self-decision

عن طريق تحليل وتقييم المعلومات والتفكير الأستراتيجي ومن ثم إتخاذ القرار.


3.1. الإستجابة الذاتية Self-response

عن طريق التحكم الألي في العناصر الحركية المكونة للغلاف والمرتبطة بنظام الإدارة المركزي.



2. سمات المباني الذكية

يمكن تحديد ملامح وسمات المباني الذكية على مر الحقب الزمنية التي مرت بها منذ ظهورها في ثلاث نقاط رئيسة هي:

- التشغيل الآلي 

- الإستجابة 

- التفاعلية 


حيث تشكل هذه النقاط في مجموعها المداخل التي يمكن من خلالها الوصول لمبنى ذكي. كما يوضح الشكل (2). 


سمات المباني الذكية عبر الحقب الزمنية المختلفة

شكل (2) سمات المباني الذكية عبر الحقب الزمنية المختلفة

كلمة التشغيل الآلي Automation: هي كلمة مستحدثة تطلق على كل ما يعمل ذاتيا بدون تدخل بشري من خلال التوظيف الأمثل للتكنولوجيا المتاحة وذلك ببرمجة الألة للقيام بتنفيذ العمل بالصورة المطلوبة.


3. منظومة المباني الذكية

بشكل عام يمكننا تقسيم منظومة الذكاء بالمباني إلى ثلاث منظومات فرعية وهي:


1.3. المنظومة الذكية Intelligent System 

هي بمثابة العقل المتحكم في بقية المنظومات، والتي تجعل كل منظومة تغير من سلوكها بما يتناسب مع التغيرات في المنظومات الأخرى، وتعد هذه المنظومة بمثابة العقل الحاكم لبقية المنظومات, كما في رقم 1 بالشكل (3).


2.3. المنظومات المحددة الوظيفة Purposive Systems 

تطورت مع تطور العلوم والتكنولوجيات الحديثة مثل منظومة الإضاءة والتكييف والتغذية بالمياه والصرف الصحي والأمن ووصلات التليفزيون والهاتف وغيرها, كما في رقم 2 بالشكل (3).


3.3. المنظومة الإنشائية Structure System 

تشمل مواد الذكية وطريق إنشاء المبنى الذكية , كما في رقم 3 بالشكل (3).


منظومة المبنى الذكي
شكل (3) منظومة المبنى الذكي


4. الأنظمة التكنولوجية المستخدمة في المباني الذكية

تعتمد المباني الذكية في تحقيق أهدافها على مجموعة من الأنظمة التكنولوجية وتشمل كلاً من أنظمة الإدارة وأنظمة المعلومات وأنظمة التحكم والأمان وأنظمة الإتصالات . كما في الشكل (4).


الأليات التكنولوجية بالأبنية الذكية
شكل (4) الأليات التكنولوجية بالأبنية الذكية


وبناء على ذلك؛ يمكننا القول أن المباني الذكية هي المباني التي تتكامل أنظمتها مع البيئة، مثل استخدامها للطاقة والتحكم في درجة الحرارة والإضاءة والصوت، ومكان العمل والإتصالات. 


على سبيل المثال: تستخدم المباني التكنولوجيا القائمة علي استخدام المشغلات الذاتية المصغرة، ونظم التحكم، والسيطرة من خلال شاشات التحكم. وفي معظم المباني يتم استخدام أجهزة قياس بالاستشعار في نقاط استراتيجية تقوم بتغذية مستمرة للمعلومات. ومن أبسط أمثلتها أنظمة الإضاءة التى تضئ وتنطفئ بمجرد دخول أوخروج الأشخاص للمبني.


5. المباني الذكية والعمارة الخضراء

أصبح البناء الذكي على مدار العقود الماضية، مفهومًا شائعًا يُطبق على أنواع مختلفة من المباني، سواء كان المبني ذكيًا من حيث الأداء أومن حيث الخدمات أوالأنظمة أوجميع الجوانب الثلاثة المتكاملة. ويهدف البناء الذكي إلى تعزيز أعلى مستويات التحكم للمعايير المختلفة التي من شأنها تحديد مدى صحة البيئة داخل المبني. 


كما أنها مزودة بأنظمة توليد ذكية باستخدام مصادر للطاقة المتجددة عن طريق التقنيات المبتكرة (التخزين والتحكم)، بالإضافة لكونها تتمتع بالملائمة مع التحديثات المستقبلية.


لا يعزز البناء الذكي الإنتاجية ورفاهية المستخدمين فحسب، بل أيضًا يساعد في تحقيق فاعلية المورد وفاعلية التكلفة والمرونة وقابلية التكيف. وعلاوة على ذلك، أصبح البناء الذكي في الآونة الأخيرة مدمجاً مع المباني الخضراء في سياق واحد، لتحقيق المتطلبات الحالية للحفاظ على البيئة . كما يوضح شكل (5).


الجمع بين المباني الذكية والمباني الخضراء للوصول لمبنى أخضر ذكي
شكل (5) الجمع بين المباني الذكية والمباني الخضراء للوصول لمبنى أخضر ذكي


وبناءً على ذلك يمكننا القول بأن المباني الذكية بكل ما تحمل من أنظمة تكنولوجية تمثل مدخلاً لتطبيق مبادئ العمارة الخضراء من خلال تكنولوجيا المعلومات والإتصالات المدمجة مع حلول البناء الأخضر، وذلك إعتماداً على أن المباني الذكية مباني ذات أداء عالي من حيث أنظمة البناء والخدمات مثل الراحة والتدفئة والتهوية وتكييف الهواء والإضاءة والأمن السلامة والحريق.


ويمكننا تقسيم هذه الأنظمة إلى ثلاثة أنظمة أساسية كل منها تتضمن مجموعة من الأنظمة والأليات كما يلي:


1.5. الأنظمة الذكية السالبة Passive Systems

الأنظمة الذكيه السالبة تشمل الأنظمة التكنولوجية التي تعتمد فكرتها على المعالجات السالبة للواجهات والأسقف والتي يمكن أن يدخل معها الأنظمة الميكانيكية كجانب مساعد. ومنها أنظمة الواجهات المزدوجة ومداخن التهوية وأنظمة التظليل الشمسي وأنظمة ضوء النهار وأنظمة الطاقة الحيوية Photobioreactor.


2.5. الأنظمة الذكية النشطة Active Systems

الأنظمة الذكية النشطة تشمل الأنظمة التكنولوجية التي تعتمد بشكل أساسي على أنظمة الحاسوب والأنظمة الميكانيكية، ومنها أنظمة توليد الطاقة المتجددة من الطاقة الشمسية وطاقة الرياح والطاقة الحيوية، وأنظمة إدارة الطاقة، وأنظمة الإضاءة الصناعية، وأنظمة التحكم في التدفئة والتهوية وتكييف الهواء HVAC ((Heating, Ventilating, and Air Conditioning، وأنظمة الأمن والسلامة بغلاف المبنى من أجهزة الاستشعار وكاميرات مراقبة وإنذارات الحريق وغيرها والتي تدعم توفير الراحة لمستخدمي الفراغ.


3.5. مواد البناء الذكية Smart Materials

مواد البناء الذكية مثل مادة الخرسانة البيولوجية التي تدعم نمو الطحالب والفطريات عليها والخرسانة الشفافة؛ التي تسمح بنفاذ الضوء والإسمنت المضيء ومادة (ETFE (Ethylene Tetrafluoroethylene الشفافة وزجاج البلورات السائلة والخلايا الكهربائية الذكية التي تدعم توليد الطاقة، ومادة الإسمنت المقلل للتلوث ومادة الغبار الذكي Smart Dust وهي عبارة عن حساسات صغيرة جداً في حجم حبيبات الرمل يمكنها رصد وتحليل أي متغيرات داخل أو خارج المبنى.



المراجع العلميه


1) Atkin. Brian, (1990), "Intelligent Buildings: Applications of It and Building Automation to High Technology Construction Projects", John Wiley & Sons, New Jersey, UK.


2) Al Thobaiti. Mohanned, (2014), "Intelligent and Adaptive Façade System: The Impact of Intelligent and Adaptive Façade on The Performance and Energy Efficiency of Buildings", Master thesis in Architecture, University of Miami, Coral Gables, Florida.


3) James. Sinopoli, (2010), "Smart Building Systems for Architects, Owners, and Builders", Elsevier Inc. an imprint of Elsevier, Oxford, UK.

4) العدوي. منى سعيد، (2019)،"دور التكنولوجيا في تطبيق مبادئ العمارة الخضراء"، رسالة ماجستير، كلية الهندسة بشبرا، جامعة بنها، مصر.

5) فاضل. أسماء مجدي, (2011), "العمارة الذكية وإنعكاسها التكنولوجي على التصميم: دراسة حالة المباني الإدارية ", رسالة ماجستير غير منشورة, قسم العمارة, كلية الهندسة جامعة القاهرة, الجيزة, مصر.

6) قنديلجي. عامر ابراهيم، السامرائي. إيمان فاضل, (2009), "تكنولوجيا المعلومات وتطبيقاتها", الوراق للنشر والتوزيع, عمان, الأردن.

7) داود. سلافا محمد عبدالرحمن, (2014), "رؤى مستقبلية للتصميم الداخلي للمسكن المعاصر في ظل مفاهيم الأنظمة الذكية", رسالة دكتوراة غير منشورة, كلية التصميم قسم السكن وإدارة المنزل, جامعة أم القرى بمكة المكرمة, السعودية.

8) عرابي.إنجي فوزي، (2010)، "الإتجاهات المعاصرة في العمارة: في ضوء العمارة الرقمية "، رسالة ماجستيرغير منشورة، كلية الهندسة ، جامعة القاهرة، مصر.
 
9) Capeluto. Guedi & Ochoa. Carlos, (2017), "Intelligent Envelopes for High Performance Buildings", Springer International publishing, Switzerland.

10) قنبر.أسامة عبد النبي، (2016)، "الأبنيَّة الذكيَّة والاستدامة بمصر بلورة مفهوم ووضع منهج"، ورقة بحثية منشورة، مجلة العلوم الهندسية ،جامعة أسيوط، مصر.العدد 44 مجلد4.

تعليقات