المعالجات البيئية السالبه في عصر التكنولوجيا Passive Techniques in Architecture تشمل الأنظمة التكنولوجية التي تعتمد فكرتها على المعالجات البيئية السالبة التي أشتهرت بيها عمارتنا العربيه كملاقف الهواء والمشربيات وكاسرات الشمس، ولكن بثوب جديد يواكب عصر الذكاء الاصطناعي وتكنولوجيا النانو.
حيث دُمجت هذه المعالجات مع بعض الأنظمة الميكانيكية وانظمة الإدارة كجانب مساعد؛ لتحقيق كفاءة أعلى في توفير الإضاءة والتهوية الطبيعيه وبالتالي تحقيق الراحة لمستخدمي المبنى وتحقيق الكفاءة في إستهلاك الطاقة مع مراعاة البيئة، والذي من شأنها دعم تطبيق مبادئ العمارة الخضراء واهدافها.
من أهم هذه الانظمة: أبراج التهوية (ملاقف الهواء)، أنظمة التظليل الشمسي (كاسرات الشمس)، أنظمة الواجهات المزدوجة (DSF)، أنظمة ضوء النهار (Daylight Systems)، وأنظمة الطاقة الحيوية Photobioreactor. فيما يلي تفصيل لهذه الأنظمة.
1. مداخن التهوية Stack Effect Ventilation
مداخن التهويه أو ملاقف الهواء هي إحدي الأنظمة السالبة التي استخدمت منذ القدم، ولكن مع التقدم التكنولوجي تم تطويرها واستخدامها كنظام ذكي يدعم التهوية الطبيعية للمباني، وفي أغلب الأحيان تؤدي هذه الأبراج وظائف إضافية مثل توليد الطاقة من خلال وضع الخلايا الشمسية في قمتها أو على واجهتها.
يعتمد نظام التهوية بها أما على نظام Solar Chimney أو نظام Wind Towers كما يلي:
1.1. المداخن الشمسية Solar Chimney
تستخدم الشمس لتدفئة السطح الداخلي للمدخنة، وتساعد قوى الطفو الناتجة عن اختلاف درجات الحرارة على زيادة التدفق على طول المدخنة. ويجب أن يكون عرض المدخنة قريباً من عرض الجزء الحدودي بنهايتها لتجنب التدفق الخلفي المحتمل.كما يوضح الشكل (1).
شكل (1) أمثلة توضح طريقة عمل Solar Chimney بمباني مختلفة |
2.1. أبراج الرياح Wind Towers
تعتمد هذه الأبراج على قوة الريح في توليد حركة هوائية داخل المبنى، حيث يتم توجيه الرياح وسحبها نحو التجويف الداخلي للبرج ليحبس الهواء ويقوده إلى الأسفل ويحتفظ به، حتى وأن كان المبنى مفتوحًا من الجهة التي تهب منها الرياح.
يتم تعزيز تدفق الهواء إما بواسطة هواء الليل البارد أو بتصميم غطاء البرج بطريقة تساعد على إنشاء منطقة ضغط منخفض في الجزء العلوي من البرج، والهبوط الناتج في ضغط الهواء يؤدي إلى تدفق الهواء فوق المدخنة.
كما يجب أن يرتبط اتجاه فتحات الرياح مع نظام مُدخل الهواء للاستفادة من طفو الهواء الدافئ داخل البرج، ويمكن الجمع بين هذين المبدأين في برج واحد يوفر كل من دخول وخروج الهواء وبالتالي يتم إنشاء نظام قائم بذاته.
شكل (2) تقنية أبرج الرياح في مبنى مركز التميز في تقنيات البناء المستدامة والحفاظ على الطاقة المتجددة بكندا |
من أمثلة المباني التي استخدمت نظام مداخن التهوية مبنى كلية العلوم والتكنولوجيا بنايهون باليابان، وهو مبنى أخضر حاصل على تقييم CASBEE أربع نجوم، حيث يضم المبنى العديد من التقنيات الذكية السالبة ومنها نظام التهوية بالأبراج الشمسية.
يضم المبنى برجين بالواجهة الشرقية بهدف استخدامهما في التهوية الطبيعية للفصول الدراسية، حيث يتم تفريغ هواء الصالة من خلال البرج الزجاجي باستخدام تأثير الشفط للرياح الخارجية، وفرق درجة الحرارة بين القمة والقاع.
وقد تم تركيب نظام VAV (Variable air volume) بالمبنى في الجزء الواصل بين الصالة والمدخنة للتحكم في حجم الهواء، كما بشكل (3).
شكل (3) مبنى كلية العلوم والتكنولوجيا جامعة نايهون كمثال لنظام التهوية بالأبراج الشمسية |
2. أنظمة التظليل الشمسي Solar shading Systems
أنظمة التظليل هي مكون أساسي من مكونات الأغلفة الذكية؛ التي في الغالب ما تعتمد على مساحات كبيرة من الزجاج، مما يتسبب في خلق تأثير الاحتباس الحراري ويسهم في ارتفاع درجة الحرارة وزيادة حمل التبريد كما يتسبب في مشاكل بصرية كالوهج المباشر والمنعكس.
لذا فإن تطبيق أنظمة التظليل يعتبر ضرورياً للتحكم في اختراق أشعة الشمس من خلال الزجاج. كما تمثل أنظمة التظليل الشمسي وخاصة أن كانت بالجهة الخارجية من الواجهات أو الأسقف الحدود الأولي للتحكم في الإشعاع الشمسي، وبالتالي فإن لها تأثير كبير على استهلاك الطاقة وجودة المناخ الداخلي.
وعلاوة على ذلك فإن أنظمة التظليل تمثل دوراً رئيسياً في أداء الغلاف ككل، حيث توفر أنظمة التظليل للواجهة العديد من المميزات التي تدعم مبادئ العمارة الخضراء مثل تعظيم الاستفادة من ضوء النهار مع ضمان عدم زيادة درجة الحرارة الوهج داخل الفراغ بالإضافة إلى توافر عنصر الرؤيا كما يوضح شكل (4).
شكل (4) المزايا التي توفرها أنظمة التظليل للمباني |
لكي تؤدي أنظمة التظليل دورها بشكل صحيح فهي تحتاج إلى بعض الدراسات والمتطلبات؛ التي على أساسها يمكن تحديد نوع نظام التظليل وموقعه وطريقة عمله، ومن أهم هذه المتطلبات معرفة إتجاهات تحقيق التظليل الجيد للمبنى خلال ساعات اليوم الواحد وكذلك على مدار العام كله.
فكلما أتجهنا شمال خط الأستواء تزداد الحاجة إلى إدخال أشعة الشمس التي تساعد في عملية التدفئة ويمكننا معماريا التحكم بذلك من خلال تركيب شفرات ثابتة أو متحركة على غلاف المبنى. مما يساعد على تحسين تدفق الحرارة وتأمين مستوى ضوء طبيعي جيد داخل المبنى وبالتالي تقليل تكاليف التشغيل.
مع التقدم التكنولوجي الهائل وتطور أنظمة التظليل بشكل واضح، تعددت أنواعها وأشكالها وخامتها وتنوعت تصنيفاتها، لذا فقد تم الجمع بين أهم هذه التصنيفات، من خلال المخطط الموضح بشكل (5).
حيث تم تقسيم أهم هذه الأنواع أما تبعاً لموضعها أن كانت على الغلاف الخارجي للمبنى، أو بين طبقات الزجاج المكون للغلاف، أوعلى الغلاف من جهة الداخل، أو تبعاً لأمكانية الحركة تلقائياً، أو يدوياً من عدمها أن كانت ثابتة، أو تبعاً للتقنية التي تعمل بها أن كانت أفقية أو رأسية أو زعانف مفصلية.
شكل (5) تصنيفات أنظمة التطليل الأكثر أستخداماَ |
ويتوقف اختيار أيً من هذه الأنظمة السابقة على مجموعة من الإستراتيجيات تشمل: المناخ المحلي للمبنى، نوع المبنى ووظيفته، موضع تركيبها من الغلاف أن كانت بالسقف أو بالواجهات المتعددة، نسبة انتقل الحرارة، اشتراطات أنظمة التهوية والتبريد والتدفئة، الإداء الحراري والمرئي والصوتي المطلوب، متغيرات نظام التظليل نفسه.
3. نظام الواجهات المزدوجة Double Skin Façade (DSF)
الواجهة المزدوجة هي نظام ذكي يجمع بين طبقتين من غلاف المبني بينهما ممر فرعي من الهواء يتراوح من (15- 200سم) في معظم الأحيان، وقد يكون مقسم إلى أجزاء أو غير مقسم وغالباً ما تستخدم أدوات التظليل الشمسية بين جزئي الغلاف، والذي بدوره يخلق فرصاً لتعظيم ضوء النهار وتحسين أداء الطاقة.
استخدمت آليات التحكم الذكي في الواجهات المزدوجة لمعظم المباني؛ لتنظيم قبول الهواء في التجويف تلقائياً، أو إغلاقه لإنشاء منطقة عازلة للحرارة.
شكل (6) فكرة عمل الوجهات المزدوجة |
يحمل نظام الواجهات المزدوجة في طياته العديد من التصنيفات كما يوضح شكل (7).
وتفصيل هذه الانظمه في:
4. أنظمة ضوء النهار Daylight Systems
تمثل أنظمة ضوء النهار إحدي أهم الأنظمة والتقنيات الذكية السالبة التي تعتمد على التصميم المعماري الجيد والتقنيات المتاحة فضلاً عن الإعتبارات المتعلقة بتوفير الراحة البصرية والحرارية حيث تراعي أنظمة ضوء النهار الذكي كلٍ من: الكسب والفقدان في الحرارة، الوهج، الراحة البصرية، التوفير في الطاقة.
ذلك من خلال تجميع الضوء وتعزيزه بإستخدام العواكس ونقله إلى فراغات المبنى، أو من خلال إعادة توجيه وتوزيع ضوء النهار على المساحات التي تحتاج إلى الضوء، تحسين التوحيد في مستويات الإضاءة مثل: تقليل المستويات الزائدة بالقرب من النافذة، وإعادة توزيع الضوء على الجزء الخلفي من المساحة، أو كليهما. بالإضافة إلى أمكانية التحكم في أشعة الشمس المباشرة لتحقيق الراحة البصرية.
تم تصنيف أنظمة الإضاءة النهارية كما يوضح شكل (8) إلى:
- أنظمة جانبية: يقصد بها أنظمة الإضاءة في واجهات المبنى.
- أنظمة علوية: يقصد بها أنظمة الإضاءة في أسقف المباني.
شكل (8) تصنيفات أنظمة وتقنيات الأضاءة الطبيعية Daylight Systems |
تفصيل هذه الأنظمة في :
انظمة ضوء النهار Daylight Systems
5. نظام المفاعل الحيوي الضوئي photobioreactor
هو نظام مغلق أو شبه مغلق تعتمد فكرتة على نباتات وأعشاب بحرية وطحالب ميكروسكوبية دقيقة، تحتاج إلى الحد الأدنى من العناصر والمدخلات كالضوء والماء وثاني أكسيد الكربون، كما أنها تنمو في الأماكن الضيقة بأشكال وأنواع وألوان وخصائص مختلفة ومتعددة لتناسب معظم الظروف البيئة وباختصار فهي جزيئات ذات قيمة مضافة عالية.
تُستخدم هذه الأنظمة في واجهات المباني علي صورة ألواح زجاجية مزدوجة أو ثلاثية أوأنابيب تحتوي على طبقة رقيقة من الماء في حدود4 سنتيمترات، وبداخلها توجد الطحالب الدقيقة والكائنات الحية المجهرية التي تعيش عادة في المياه العذبة والمالحة. كما يوضح شكل (9).
أهم ما يميز مستعمرات الطحالب أنها عبارة عن ممتصات فعالة لثاني أكسيد الكربون ومنتجات للكتلة الحيوية، كما أن هذه الأنظمة تستطيع أن توفر العديد من المزايا للمباني أهمها إنتاج الطاقة الحيوية والحرارة وكفاءة الطاقة وتنقية الهواء والتي يوضحها شكل (10).
من أهم المباني التي تبنت هذا النظام وأولها هو مبنى BIQ house بألمانيا، فقد تلونت واجهة المبنى بملايين الطحالب الميكروسكوبية، والتي يتم تغذيتها بالعناصر الطبيعية والأكسجين لتحفيز إنتاج الطاقة الحيوية، وبمساعدة أشعة الشمس المباشرة لتقوم الخلايا الصغيرة سريعة النمو بتسخين الماء، حيث يقوم نظام الطاقة بالاحتفاظ بالطاقة الحرارية لاستخدمها في المبنى.
بالتالي فهو بيت طاقة سلبي يولد كل من الكتلة الحيوية والحرارة كمصادر طاقة متجددة. حيث تعتمد الواجهات الجنوبية الغربية والجنوبية الشرقية على ألواح المفاعل حيوي, والتي يمكنها الدوران على طول محورها الرأسي لتتبع موضع الشمس، وعندما تكون مغلقة تمامًا، فإنها تشكل معًا غلافًا خارجيًا متواصلاً يوفر حاجزًا حراريًا. كما توضح التفاصيل بالشكل (11).
المراجع العلميه
3) Butera. Federico M., (2014), "Sustainable Building Design For Tropical Climates: Principles and Applications for Estern Africa", UN-Habitat, Nairobi, GPO Kenya.
4) Nielsen. Martin Vraa, (2012), "Integrated Energy Design of the Building Envelope", PhD thesis, Depart- ment of Civil Engineering, Technical University, Denmark.
6) Stack. Austin, Goulding. John, Lewis.J., (2002)," Shading Systems: Solar Shading for the European climates", ENERGIE publication, Ireland.
8) Draper, Inc., (2017), "Managing Heat and Light Through Exterior Shading Systems:The advantages of solar control from the outside" published in Architectural Record, Indiana.
تعليقات
إرسال تعليق